حقن العين لعلاج الارتشاح

حقن العين لعلاج الارتشاح

حقن العين لعلاج الارتشاح

عندما نتحدث عن ارتشاح العين أو ارتشاح الشبكية فإننا نتحدث عن واحد من أكثر أمراض الشبكية خطورة، بل إنه من أخطر الأمراض التي تصيب العين على وجه العموم، وتزداد خطورة هذا المرض لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري. ويتم إجراء عملية حقن العين لعلاج الارتشاح في بعض مراحل هذا المرض، وهذا ما يوضحه لكم الدكتور حسام سالم – أستاذ طب وجراحة العيون  بشيء من التفصيل من خلال هذا المقال.

ما هو ارتشاح الشبكية؟

قبل أن يتطرق الحديث إلى عملية حقن العين لعلاج الارتشاح.. علينا أولاً أن نعرف ما هو ارتشاح العين أو ارتشاح الشبكية، وما هي طبيعة هذا المرض.

الارتشاح هو عبارة عن تراكم للسوائل في مكان ما، فكثيرًا ما تسمع في البيوت أن هذا الحائط به رشح أو ارتشاح، وذلك بأن تجد أثره على الحائط، من انتفاش للجدار أو سقوط للدهانات من على هذا الجدار نتيجة تراكم السوائل فيه.

وكذلك ارتشاح الشبكية أو ارتشاح العين، فهو مرض يصيب الشبكية ويتسبب في ارتشاحها أو في ارتشاح مركز الإبصار نتيجةً لتراكم السوائل خلفها وبين طبقاتها، وعادة ما يحدث ذلك بسبب ضعف جدران الشعيرات الدموية المغذية للشبكية وتسريبها للسوائل الموجودة فيها، أو تكاثرها وزيادة أعدادها في غير أماكنها الطبيعية (وهو ما يعرف بارتشاح الشبكية التكاثري).

إذا.. فارتشاح الشبكية بالمعنى البسيط عبارة عن زيادة في سمك بعض أنسجة الشبكية (أو انتفاشها)، وبالتالي ضعف هذه الأنسجة، وفي هذه الحالة تتأثر المستقبلات الحسية لشبكية العين وهي المسئولة عن استقبال الرؤية وتمريرها للخلايا العصبية للشبكية ومنها إلى العصب البصري ثم مركز الإبصار بالمخ وهو ما يؤثر بشكل مباشر على رؤية المريض، ويُلجِئُ الطبيب في بعض الأحيان إلى عملية حقن العين لعلاج الارتشاح قبل أن تتطور الحالة وإصابة المريض بتليفات بشبكية العين وما قد يتبعها من حدوث انفصال بالشبكية، مما يؤدي إلى تعقيد طرق العلاج.

ما هي اعراض ارتشاح الشبكية؟

ما يجعلنا نقول إن ارتشاح العين أو ارتشاح الشبكية مرض خطير .. هو أنه قد لا يظهر على المريض أي أعراض في المراحل المبكرة، ويظل المريض في هذه الحالة غير مهتم بضبط مستويات السكر في الدم، وغير مهتم بفحص العين .. ولم لا وهو لم يظهر عليه ما يدعو للذهاب إلى طبيب العيون.

ولكن ما يجهله الكثيرون هو أن الأوعية الدموية لدى مرضى السكري ضعيفة، وبالتالي فإن الأوعية والشعيرات الدموية الموجودة في الشبكية من الوارد جدًا أن تتأثر بهذا المرض، وهو ما يضطر المريض إلى إجراء فحوصات دورية على العين للاطمئنان على عدم تأثير مرض السكر على شبكية العين، وهذا مما يشدد عليه الدكتور حسام سالم  وينصح به جميع مرضى السكر وبالأخص الأشخاص الذين مر على اصابتهم بمرض السكر فترة أكثر من خمس سنوات.

أما عن الأعراض التي قد تظهر في بعض الحالات المتطورة، أو في حالة إهمال العلاج (سواء بـ حقن الشبكية أو غيرها من العلاجات التي تستخدم في درجات الارتشاح المختلفة).. فإنها تتمثل في:

  1. صعوبة وتشوش في الرؤية، ويشكو المريض في هذه الحالة من أنه لم يعد يرى تفاصيل الأشياء والوجوه بشكل جيد.
  2. ظهور بقع داكنة أو بقع سوداء في مجال الإبصار.
  3. عدم ثبات الرؤية.

وقد تتطور هذه الأعراض إلى أن يصاب المريض بفقدان جزء من مجال الإبصار.

عملية حقن العين لعلاج الارتشاح

بعد أن تعرفنا على طبيعة مرض ارتشاح العين وعرفنا الأعراض التي تظهر على المريض .. نتحدث الآن عن الطريقة المثالية لعلاج الارتشاح، وهي حقن الشبكية، أو حقن ارتشاح مركز الإبصار.

ويفصل لنا الدكتورحسام سالم طريقة العلاج بهذه الحقن، وكيف يستفيد منها المريض وتتحسن حالته، والوقت أو الدرجة المناسبة التي تحتاج إلى حقن العين لعلاج الارتشاح.

ولتبسيط هذا الأمر نقول: إنه في حالة إصابة جدران منزلك بالارتشاح فما هي الطريقة المثالية لعلاج هذه المشكلة؟ أولا سيخبرك المتخصص بأننا بحاجة إلى معرفة السبب وراء هذا الترشيح، ومن ثم العمل على إيقاف مصدر الترشيح، وذلك حتى لا يتطور الارتشاح على الجدار، فليس من الطبيعي أن نتجه إلى علاج الارتشاح الموجود في الجدار ونترك المسبب الرئيسي له، فذلك يعني أن الارتشاح سيعود مع مرور الوقت.

وهذا بالضبط ما يقوم به طبيب العيون المتخصص، يقوم أولاً بالبحث عن مصدر الارتشاح ومكانه وهل هو ارتشاح في مركز الإبصار بالشبكية أم أنه ارتشاح في أطراف الشبكية، ومن ثم معرفة نسبة الارتشاح في الشبكية لتحديد طريقة وبروتوكول العلاج المناسب.

إذا فنحن الآن بصدد الحديث عن أولى خطوات علاج رشح العين بالحقن، ألا وهي التشخيص السليم للحالة.

كيف يتم تشخيص ارتشاح الشبكية وتحديد العلاج المناسب؟

حتى يقوم الطبيب بتحديد طريقة العلاج المناسبة لمريض ارتشاح الشبكية عليه أولاً أن يقوم بإجراء بعض الفحوصات الهامة، والتي من أهمها:

1- فحص قاع العين

يقوم الطبيب في هذا الفحص بوضع قطرة موسعة لحدقة العين ليتمكن من رؤية الشبكية بوضوح، ومن خلال العدسة المكبرة الموجودة في الأجهزة الحديثة يستطيع الطبيب رؤية الشعيرات والأوعية الدموية المتضررة، ويتمكن من تحديد المكان الذي يوجد فيه الارتشاح.

2- التصوير البصري المقطعي OCT

يعتبر هذا الفحص هو الفحص الرئيسي لارتشاح الشبكية، وهو جهاز حديث يعمل على فحص مقاطع الشبكية المختلفة وتحليلها لمعرفة أماكن الارتشاح ومقدار تضرر الشبكية من هذا الارتشاح.

ويعد هذا الجهاز واحدًا من أكثر الأجهزة التي تستخدم في فحص العين أمانا ، حيث إنه لا يعتمد على الصبغة، ولا يحتاج إلى وضع قطرات في العين، بل يعتمد على إرسال واستقبال الإشارات الضوئية، وهو ما يجنب المريض حدوث أي آثار جانبية قد تظهر في بعض الفحوصات الأخرى.

ويطلب الطبيب في هذا الفحص من المريض وضع رأسه في المكان المخصص له في الجهاز، ومن ثم ينظر الطبيب في كل عين على حدة، ويبدأ الجهاز في تصوير وتحليل مقاطع الشبكية، ومتابعة مدى التطور الذي وصلت إليه الحالة، ومعرفة ما إذا كانت الشبكية قد استجابت للعلاجات السابقة أم لا.

3- تصوير قاع العين بالصبغة

قد يجري الطبيب هذا الفحص في بعض الأحيان للتأكد من مدى تضرر الأوعية الدموية في الشبكية، ومعرفة أماكن التسريب بشكل محدد.

وفي هذا الفحص يقوم الطبيب بحقن مادة الفلورسين في أحد الأوعية الدموية الموجودة في ذارع المريض، ومن ثم يقوم بالتقاط الصورة بالأشعة لرؤية مسار مادة الفلورسين داخل الأوعية الدموية بوضوح، وتحديد الأوعية الدموية المتضررة من مرض السكر والتي تسبب الارتشاح.

 كيف يتم إجراء عملية حقن العين لعلاج الارتشاح؟

أصبحت تقنية حقن العين لعلاج الشبكية واحدة من التقنيات المعتمدة في حالات الارتشاح الذي لم يعد يمكن علاجه بالأدوية أو القطرات، أو من خلال ضبط مستويات السكر في الدم.

وتجرى هذه العملية عن طريق وضع قطرات مخدرة لسطح العين أولاً، حيث تساعد هذه القطرات في عدم إحساس المريض بالألم أثناء عملية الحقن.

ومن ثم يقوم الطبيب بتحضير حقنة الدواء (ويسبق ذلك تحديد نوع الدواء الذي تحتاجه الحالة)، وبعد ذلك وعلى مسافة 3 أو 4 ملم -تقريبًا- من حافة القرنية يقوم الطبيب بإدخال الحقنة داخل بياض العين لحقن المادة العلاجية داخل الجسم الزجاجي.

ولا تستغرق هذه العملية سوى دقيقة واحدة.

أنواع حقن العين

تتمثل الأدوية التي تستخدم في حقن العين لعلاج الارتشاح في أمرين:

الأول: منع السبب الرئيسي في حصول الارتشاح، من خلال مواد تعمل على إيقاف النمو غير الطبيعي للأوعية والشعيرات الدموية داخل الشبكية (Anti VEGFs)، وتقوية جدران هذه الأوعية بحيث لا تسمح بحدوث تسريب مرة أخرى.

الثاني: علاج الارتشاح الموجود بالفعل في شبكية المريض.

وبالتالي فإن أنواع حقن العين التي تستخدم لتحقيق الهدف الأول هي:

  1. الأفاستن (Bevacizumab): ويعتبر هذا النوع من الدواء اقتصاديًا، ويستخدم في بعض الدول، ولكن لا يعتمد عليه بشكل كامل في كثير من الحالات.
  2. ليوسنتس (Ranibizumab): ويعتبر هذا النوع هو الأكثر استخدامًا، حيث ساهم في تقليل عدد مرات الحقن المطلوبة لعلاج الارتشاح بشكل كامل.
  3. إيليا (Aflibercept): وهو النوع الأحدث في عملية حقن العين، والأكفأ في إيقاف نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية.

أما أنواع حقن العين المسؤولة عن تحقيق الهدف الثاني، وهو علاج الارتشاح الموجود في الشبكية بالفعل، فتستخدم الحقن الآتية (وهي حقن تعتمد بشكل كبير على الكورتيزون):

  1. ترايمسينولون.
  2. كورتيزون طويل المفعول (Ozurdex).

فهذه هي أهم الأنواع التي يستخدمها الطبيب في عملية حقن العين لعلاج الارتشاح، ويتم تحديد النوع وفقًا لما تتطلبه حالة كل مريض، بالإضافة إلى بعض الاعتبارات الاقتصادية التي تختلف من حالة إلى أخرى.

هل يحتاج المريض إلى إعادة حقن العين لعلاج الارتشاح؟

يتساءل بعض الأشخاص عن مدى الحاجة إلى إعادة إجراء الحقن في العين مرة أخرى، وهل هو ضروري أم لا.

ويقول الدكتورحسام سالم أنه في معظم الحالات قد يحتاج المريض إلى إعادة الحقن مرة أخرى، فوفقًا لبعض البروتوكولات يحتاج المريض إلى إعادة الحقن مرة كل شهر، لمدة ثلاثة أشهر.

وتتوقف الزيادة في تكرار الحقن عن هذه المدة على مدى التحسن الذي وصلت إليه الحالة، وهو ما يتم اكتشافه ومتابعته من خلال التصوير المقطعي للعين OCT.

فإذا تحسنت الحالة واختفى الارتشاح وتوقفت الأوعية الدموية عن تسريب السوائل بعد حقن العين ثلاث مرات مثلا.. فلا معنى لإعادة الحقن مرة أخرى إلا في حال ارتجاع الارتشاح مرة أخرى

ولكن من الضروري أن يهتم المريض بالمتابعة الدورية مع الطبيب حتى يتمكن من تحديد التطور الذي وصلت إليه الحالة.

خطورة إهمال علاج ارتشاح الشبكية

إذا قام الطبيب بتشخيص المريض جيدًا وتبين أنه بحاجة إلى إجراء عملية حقن العين، فمن الضروري أن يهتم المريض بهذا الأمر ويسرع في تلقي هذا العلاج، فقد يتطور الارتشاح غير المعالج إلى أن يتسبب في انفصال الشبكية أو تلف المستقبلات الحسية بمركز الإبصار بصورة نهائية، ومن ثم تتعقد إجراءات العلاج.

X
×